ولادته واسمه الكريم
أبو حنيفة أو أبو حنيفة النعمان أو النعمان بن ثابت بن النعمان المولود سنة (80هـ/699م). واصل اجداده من كابول في أفغانستان فهوافغاني الاصل غيرفارسي حيث يؤكدالعلامة المرحوم مؤرخ العراق الدكتورمصطفى جواد ذلك ويقول ان ابوحنيفة أفغاني لافارسي ولكن العرب تعودو ان يطلقو كلمة فارسي على كل من سكن شرق بلادالعراق وهذاخطا شائع يجب التنبه لة لانه امانة علمية وتاريخيةواكدهذا القول الدكتور حسان حلاق في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية والدكتورعلي الوردي والدكتورفاروق عمر والباحث جمال الدين فالح الكيلاني ولقداشتهر بورعه، وكان تاجــراً مشهوراً بالصدقِ والأمانة والوفاء، أخذ عنهُ الاشتغال بالتجارة أبنهِ النعمان والذي ولد في الكوفة وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى النعمان معظم حياته متعلماً وعالماً، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفاً إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبيالفقيه الكبير ولمح ما فيه من مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغةوالأدب، وكان من كثرة اهتمامهِ بأن لا يضيع عنه ما يتلقاه من العلم يقضي الوقت في الطواف على المجالس حاملاً أوراقه وقلمه و حنيفة الحبر، فاشتهر بها وكني أبا حنيفة، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم دروس الفقه عند حماد بن أبي سليمان.
حياته ونشاته
كانت ولادته كما اسلفنا سابقا في مدينة الكوفه . وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى أبو حنيفة معظم حياته متعلما وعالما، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفا إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبي الفقيه الكبير ولمح ما فيه مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغة والأدب، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم حماد بن أبي سليمان، وطالت ملازمته له حتى بلغت ثمانية عشر عاما مد اللهفي عمر أبي حنيفة، ورزقه اللهالقبول، وهيأ له من التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قال عنه النضر بن شميل: "كان الناس نياما عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمو منزلته في الفقه أن قال الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة". كما كان ورعا شديد الخوف والوجل من الله، وتمتلئ كتب التاريخ والتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنه ما وصفه به العالم الزاهد فضيل بن عياض بقوله: "كان أبو حنيفة رجلا فقيها معروفا بالفقه، مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا عل تعليم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مال السلطان..
شيوخه::
تتلمذ أبو حنيفة على يد جعفر الصادق . ولقد أدرك أبو حنيفة جماعة من أصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم محمد ومنهم: أنس بن مالك بن النضر، وعبد الله بن أوفى،ووائلة بن الأسقع،وسهل بنسعد ولازم أبو حنيفة شيخهُ حماد بن أبي سليمان وتخرج عليه، وواصل دراستهُ عنده ثماني عشرة عاماً، ولم يفارق شيخهُ حماداً حتى توفى، ومما يدل على حبهِ له أنه سمى ولده (حماد) إعتزازاً بشيخهِ.
ولقد هاجر منالكوفة إلى مكةالمكرمة وأقام فيها عدة سنوات، وأكمل دراسته الفقهية على عطاء بن أبي رباح، ومجاهد وهما تلميذي الصحابي عبد الله بن عباس. وبلغ عدد العلماء الذين أخذ منهم إجازة العلم وأتصل بهم أكثر من سبعين عالماً. ومنهم الإمامجعفر الصادق و الذي قال أبو حنيفة في حقه : (لولا السنتان لهلك النعمان) مشيرا للسنتان التي قضاهما لديه في طلبه للعلم.
رئاسه حلقة الفقه::
وبعد موت شيخهحماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقهإلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثاً، ويجتمع أبو حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من مالهِ، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حماداً –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل فيالكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه..
اصول مذهبه:::
نشأ مذهب أبي حنيفة فيالكوفة مهد مدرسة الرأي، وتكونت أصول المذهب على يديه، وأجملها هو في قوله: "إني آخذ بكتابالله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول اللهصلىاللهعليه وسلم، فإذا لم أجد فيها أخذت بقول أصحابه من شئت، وادع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي والحسن و ابن سيرينوسعيد بن المسيب فلي أن أجتهد كما اجتهدوا".
وهذا القدر من أصولالتشريع لا يختلف فيه أبو حنيفة عن غيره من الأئمة، فهم يتفقون جميعا على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة لاستنباط الأحكام منهما، غير أن أبا حنيفة تميّز بمنهج مستقل في الاجتهاد، وطريقة خاصة في استنباط الأحكام التي لا تقف عند ظاهر النصوص، بل تغوص إلى المعاني التي تشير إليها، وتتعمق في مقاصدها وغاياتها. ولا يعني اشتهار أبي حنيفة بالقول بالرأي والإكثار من القياس أنه يهمل الأخذ بالأحاديث والآثار، أو أنه قليل البضاعة فيها، بل كان يشترط في قبول الحديث شروطاً متشددة؛ مبالغة في التحري والضبط، والتأكد من صحة نسبتها إلى رسولاللهصلى اللهعليه وسلم، وهذا التشدد في قبول الحديث هو ما حملهُ على التوسع في تفسير ما صح عنده منها، والإكثار من القياس عليها حتى يواجه النوازل والمشكلات المتجددة. ولم يقف اجتهاد أبي حنيفة عند المسائل التي تعرض عليه أو التي تحدث فقط، بل كان يفترض المسائل التي لم تقع ويقلّبها على جميع وجوهها ثم يستنبط لها أحكاماً، وهو ما يسمى بالفقه التقديري وفرص المسائل، وهذا النوع من الفقه يقال إن أبا حنيفة هو أول من استحدثه، وقد أكثر منه لإكثاره استعمال القياس، روي أنه وضع ستين ألف مسألة من هذا النوع.
انتشار المذهب::
انتشر مذهب أبي حنيفة في البلاد منذ أن مكّن له أبو يوسف بعد تولّيه منصب قاضي القضاة في الدولة العباسية، وكان المذهب الرسمي لها، كما كان مذهب السلاجقة والدولة الغرنوية ثم الدولة العثمانية، وهو الآن شائع في أكثر البقاع الإسلامية، ويتركز وجوده في مصر والشام والعراق وباكستان وأفغانستان والهند والصين..
تدوين المذهب::
وصلت إلينا كتب محمد بن الحسن الشيباني كاملة، وكان منها ما أطلق عليه العلماء كتب ظاهر الرواية، وهي كتب المبسوط والزيادات، والجامع الكبير والجماع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير، وسميت بكتب ظاهرة الرواية؛ لأنها رويت عن الثقات من تلاميذه، فهي ثابتة عنه إما بالتواتر أو بالشهرة. وقد جمع أبو الفضل المروزي المعروف بالحاكم الشهيد المتوفى سنة (344هـ = 955م) كتب ظاهر الرواية بعد حذف المكرر منها في كتاب أطلق عليه "الكافي"، ثم قام بشرحه شمس الأئمة السرخسي المتوفى سنة (483هـ = 1090م) في كتابه "المبسوط"، وهو مطبوع في ثلاثين جزءا، ويعد من أهم كتب الحنفية الناقلة لأقوال أئمة المذهب، بما يضمه من أصول المسائل وأدلتها وأوجه القياس فيها.
رئاسة حلقة العلم:::
وبعد موت شيخه حماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقه إلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثا، ويجتمع أبو حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من ماله، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حمادا –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل في الكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه
تلالالاميذه الاوفياء::
لم يؤثر عن أبي حنيفة أنه كتب كتاباً في الفقه يجمع آراءه وفتاواه، وهذا لا ينفي أنه كان يملي ذلك على تلاميذه، ثم يراجعه بعد إتمام كتابته، ليقر منه ما يراه صالحاً أو يحذف ما دون ذلك، أو يغيّر ما يحتاج إلى تغيير، ولكن مذهبه بقي وانتشر ولم يندثر كما اندثرت مذاهب كثيرة لفقهاء سبقوه أو عاصروه، وذلك بفضل تلاميذهِ الموهوبين الذين دونوا المذهب وحفظوا كثيرا من آراء إمامهم بأقواله وكان أشهر هؤلاء:
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفي عام(183هـ/799م)، ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفي في عام(189هـ/805م)، وزفر بن الهذيل، وهم الذين قعدوا القواعد وأصلوا الأصول في المذهب الحنفي.
ولقد قضى الإمام أبو حنيفة عمرهُ في التعليم والتدريس ولقد تخرج عليه الكثير من الفقهاءوالعلماء، ومنهم ولدهُ حماد ابن ابي حنيفة، وإبراهيم بن طهمان، وحمزة بن حبيب الزيات، وأبو يحيى الحماني، وعيسى بن يونس، ووكيع، ويزيد بن زريع، وأسد بن عمرو البجلي، وحكام بن يعلى بن سلم الرازي، وخارجن بن مصعب، وعبد الحميد ابن أبي داود، وعلي بن مسهر، ومحمد بن بشر العبدي، ومصعب بن مقدام، ويحيى بن يمان، وابو عصمة نوح بن أبي مريم، وأبو عبد الرحمن المقريء، وأبو نعيم وأبو عاصم، وغيرهم كثير
مظاهر القدوة فيشخصيه اب حنيفة الرائعة::
فقد قال أبو عاصم النبيل كانأبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته، واشتهر عنه أنه كان يحيى الليل صلاة ودعاءوتضرعا. وذكروا أن أبا حنيفة صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة. وروى بشر بنالوليد عن القاضي أبي يوسف قال بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلاً يقوللآخر هذا أبو حنيفة لا ينام الليل فقال أبو حنفية واللهلا يتحدث عني بما لم أفعل فكان يحيىالليلصلاة وتضرعا ودعاء، ومثل هذه الروايات عن الأئمة موجودة بكثرة،والتشكيك في ثبوتها له وجه، لاشتهار النهي عن إحياءالليلكله، وأبو حنيفة قد ملأ نهاره بالتعليم مع معالجة تجارته، فيبعد أنيواصل الليل كله. ولكن عبادة أبي حنيفة وطول قراءته أمر لا ينكر، بل هو مشهور عنه ،فقد روي من وجهين أن أبا حنيفة قرأالقرآنكلهُ في ركعة.
فقد روى لنا القاسم بن معن أنأبا حنيفة قام ليلة يردد قولاللهفيالقرآن: ( بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىوَأَمَرُّ )سورة القمر، آية 46، ويبكي ويتضرع إلىالفجر.
وخصوصا في الأمور المالية، فقدجاء عنه أنه كان شريكاً لحفص بن عبد الرحمن، وكان أبو حنيفة يُجهز إليه الأمتعة،وهو يبيع، فبعث إليه في رقعة بمتاع، وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيباً، فإذا بعته،فبين. فباع حفص المتاع، ونسى أن يبين، ولم يعلم ممن باعه، فلما علم أبو حنيفة تصدقبثمن المتاع كله.
تربيته لنفسهعلى الفضائل كالصدقة، فقد ورد عن المثنى بن رجاء أنه قال جعل أبو حنيفة على نفسه إنحلف بالله صادقا أن يتصدق بدينار وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدقبمثلها.
لأن من تصدى للناس لا بد وأنيأتيه بعض الأذى من جاهل أو مغرر به، ومن عجيب قصصه ما حكاه الخريبي قال: كنا عندأبي حنيفة فقال رجل: إني وضعت كتابا على خطك إلى فلان فوهب لي أربعة آلاف درهم،فقال أبو حنيفة إن كنتم تنتفعون بهذا فافعلوه. وقد شهد بحلمه من رآه، قال يزيد بنهارون ما رأيت أحدا أحلم من أبي حنيفة، وكان ينظر بإيجابية إلى المواقف التي ظاهرهاالسوء، فقد قال رجل لأبي حنيفة (أتقالله)، فأنتفض وأصفر وأطرق وقال: (جزاكاللهخيرا ما أحوج الناس كل وقت إلى من يقول لهم مثل هذا) ، وجاء إليهرجل، فقال: (يا أبا حنيفة، قد أحتجت إلى ثوب خز) ، فقال: ما لونه؟ قال: كذا، وكذا ،فقال له: أصبر حتى يقع، وآخذه لك، _إن شاء الله_ ، فما دارت الجمعة حتى وقع، فمر بهالرجل، فقال: قد وقعت حاجتك، وأخرج إليه الثوب، فأعجبه، فقال: يا أبا حنيفة، كمأزن؟ قال: درهماً ، فقال الرجل: يا أبا حنيفة ما كنت أظنك تهزأ ، قال: ما هزأت، إنياشتريت ثوبين بعشرين ديناراً ودرهم، وإني بعت أحدهما بعشرين ديناراً، وبقي هذابدرهم، وما كنت لأربح على صديق.
مؤلفاته::
وضعالإمام أبو حنيفة عدة كتب فيالفقهالحنفي منها:
وفاةالامامابو حنيفة ::
مداللهفي عمر أبي حنيفة، وهيأ لهمن التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبويوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قالعنه النضر بن شميل: "كان الناس نياماً عنالفقهحتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمومنزلته فيالفقهان قال فيهِ الإمامالشافعي : "الناس فيالفقهعيال على أبي حنيفة". كما كان ورعاً شديد الخوف والوجل منالله، وتمتلئ كتبالتاريخوالتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنهما وصفه به العالم الزاهدفضيل بنعياضبقوله: "كان أبو حنيفةرجلاً فقيهاً معروفاً بالفقه، مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كلمن يطيف به، صبورا عل تعليمالعلمبالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلامحتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مالالسلطان".
وتوفي أبو حنيفة فيبغدادبعد أن ملأ الدنيا علماً وشغل الناس في (11 من جمادىالأولى150هـ/14 من يونيو767م) ويقع قبرهفي مدينةبغدادبمنطقةالأعظميةفيمقبرةالخيزرانعلى الجانب الشرقي مننهر دجلة.
أبو حنيفة أو أبو حنيفة النعمان أو النعمان بن ثابت بن النعمان المولود سنة (80هـ/699م). واصل اجداده من كابول في أفغانستان فهوافغاني الاصل غيرفارسي حيث يؤكدالعلامة المرحوم مؤرخ العراق الدكتورمصطفى جواد ذلك ويقول ان ابوحنيفة أفغاني لافارسي ولكن العرب تعودو ان يطلقو كلمة فارسي على كل من سكن شرق بلادالعراق وهذاخطا شائع يجب التنبه لة لانه امانة علمية وتاريخيةواكدهذا القول الدكتور حسان حلاق في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية والدكتورعلي الوردي والدكتورفاروق عمر والباحث جمال الدين فالح الكيلاني ولقداشتهر بورعه، وكان تاجــراً مشهوراً بالصدقِ والأمانة والوفاء، أخذ عنهُ الاشتغال بالتجارة أبنهِ النعمان والذي ولد في الكوفة وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى النعمان معظم حياته متعلماً وعالماً، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفاً إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبيالفقيه الكبير ولمح ما فيه من مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغةوالأدب، وكان من كثرة اهتمامهِ بأن لا يضيع عنه ما يتلقاه من العلم يقضي الوقت في الطواف على المجالس حاملاً أوراقه وقلمه و حنيفة الحبر، فاشتهر بها وكني أبا حنيفة، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم دروس الفقه عند حماد بن أبي سليمان.
حياته ونشاته
كانت ولادته كما اسلفنا سابقا في مدينة الكوفه . وكانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى أبو حنيفة معظم حياته متعلما وعالما، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفا إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبي الفقيه الكبير ولمح ما فيه مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس وما أكثرها في الكوفة، فروى الحديث ودرس اللغة والأدب، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم حماد بن أبي سليمان، وطالت ملازمته له حتى بلغت ثمانية عشر عاما مد اللهفي عمر أبي حنيفة، ورزقه اللهالقبول، وهيأ له من التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قال عنه النضر بن شميل: "كان الناس نياما عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمو منزلته في الفقه أن قال الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة". كما كان ورعا شديد الخوف والوجل من الله، وتمتلئ كتب التاريخ والتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنه ما وصفه به العالم الزاهد فضيل بن عياض بقوله: "كان أبو حنيفة رجلا فقيها معروفا بالفقه، مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا عل تعليم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مال السلطان..
شيوخه::
تتلمذ أبو حنيفة على يد جعفر الصادق . ولقد أدرك أبو حنيفة جماعة من أصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم محمد ومنهم: أنس بن مالك بن النضر، وعبد الله بن أوفى،ووائلة بن الأسقع،وسهل بنسعد ولازم أبو حنيفة شيخهُ حماد بن أبي سليمان وتخرج عليه، وواصل دراستهُ عنده ثماني عشرة عاماً، ولم يفارق شيخهُ حماداً حتى توفى، ومما يدل على حبهِ له أنه سمى ولده (حماد) إعتزازاً بشيخهِ.
ولقد هاجر منالكوفة إلى مكةالمكرمة وأقام فيها عدة سنوات، وأكمل دراسته الفقهية على عطاء بن أبي رباح، ومجاهد وهما تلميذي الصحابي عبد الله بن عباس. وبلغ عدد العلماء الذين أخذ منهم إجازة العلم وأتصل بهم أكثر من سبعين عالماً. ومنهم الإمامجعفر الصادق و الذي قال أبو حنيفة في حقه : (لولا السنتان لهلك النعمان) مشيرا للسنتان التي قضاهما لديه في طلبه للعلم.
رئاسه حلقة الفقه::
وبعد موت شيخهحماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقهإلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثاً، ويجتمع أبو حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من مالهِ، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حماداً –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل فيالكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه..
اصول مذهبه:::
نشأ مذهب أبي حنيفة فيالكوفة مهد مدرسة الرأي، وتكونت أصول المذهب على يديه، وأجملها هو في قوله: "إني آخذ بكتابالله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول اللهصلىاللهعليه وسلم، فإذا لم أجد فيها أخذت بقول أصحابه من شئت، وادع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم، والشعبي والحسن و ابن سيرينوسعيد بن المسيب فلي أن أجتهد كما اجتهدوا".
وهذا القدر من أصولالتشريع لا يختلف فيه أبو حنيفة عن غيره من الأئمة، فهم يتفقون جميعا على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة لاستنباط الأحكام منهما، غير أن أبا حنيفة تميّز بمنهج مستقل في الاجتهاد، وطريقة خاصة في استنباط الأحكام التي لا تقف عند ظاهر النصوص، بل تغوص إلى المعاني التي تشير إليها، وتتعمق في مقاصدها وغاياتها. ولا يعني اشتهار أبي حنيفة بالقول بالرأي والإكثار من القياس أنه يهمل الأخذ بالأحاديث والآثار، أو أنه قليل البضاعة فيها، بل كان يشترط في قبول الحديث شروطاً متشددة؛ مبالغة في التحري والضبط، والتأكد من صحة نسبتها إلى رسولاللهصلى اللهعليه وسلم، وهذا التشدد في قبول الحديث هو ما حملهُ على التوسع في تفسير ما صح عنده منها، والإكثار من القياس عليها حتى يواجه النوازل والمشكلات المتجددة. ولم يقف اجتهاد أبي حنيفة عند المسائل التي تعرض عليه أو التي تحدث فقط، بل كان يفترض المسائل التي لم تقع ويقلّبها على جميع وجوهها ثم يستنبط لها أحكاماً، وهو ما يسمى بالفقه التقديري وفرص المسائل، وهذا النوع من الفقه يقال إن أبا حنيفة هو أول من استحدثه، وقد أكثر منه لإكثاره استعمال القياس، روي أنه وضع ستين ألف مسألة من هذا النوع.
انتشار المذهب::
انتشر مذهب أبي حنيفة في البلاد منذ أن مكّن له أبو يوسف بعد تولّيه منصب قاضي القضاة في الدولة العباسية، وكان المذهب الرسمي لها، كما كان مذهب السلاجقة والدولة الغرنوية ثم الدولة العثمانية، وهو الآن شائع في أكثر البقاع الإسلامية، ويتركز وجوده في مصر والشام والعراق وباكستان وأفغانستان والهند والصين..
تدوين المذهب::
وصلت إلينا كتب محمد بن الحسن الشيباني كاملة، وكان منها ما أطلق عليه العلماء كتب ظاهر الرواية، وهي كتب المبسوط والزيادات، والجامع الكبير والجماع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير، وسميت بكتب ظاهرة الرواية؛ لأنها رويت عن الثقات من تلاميذه، فهي ثابتة عنه إما بالتواتر أو بالشهرة. وقد جمع أبو الفضل المروزي المعروف بالحاكم الشهيد المتوفى سنة (344هـ = 955م) كتب ظاهر الرواية بعد حذف المكرر منها في كتاب أطلق عليه "الكافي"، ثم قام بشرحه شمس الأئمة السرخسي المتوفى سنة (483هـ = 1090م) في كتابه "المبسوط"، وهو مطبوع في ثلاثين جزءا، ويعد من أهم كتب الحنفية الناقلة لأقوال أئمة المذهب، بما يضمه من أصول المسائل وأدلتها وأوجه القياس فيها.
رئاسة حلقة العلم:::
وبعد موت شيخه حماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقه إلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثا، ويجتمع أبو حنيفة وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من ماله، مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف المتوفى سنة (182هـ = 797م): "وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف لو رأيت حمادا –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل في الكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه
تلالالاميذه الاوفياء::
لم يؤثر عن أبي حنيفة أنه كتب كتاباً في الفقه يجمع آراءه وفتاواه، وهذا لا ينفي أنه كان يملي ذلك على تلاميذه، ثم يراجعه بعد إتمام كتابته، ليقر منه ما يراه صالحاً أو يحذف ما دون ذلك، أو يغيّر ما يحتاج إلى تغيير، ولكن مذهبه بقي وانتشر ولم يندثر كما اندثرت مذاهب كثيرة لفقهاء سبقوه أو عاصروه، وذلك بفضل تلاميذهِ الموهوبين الذين دونوا المذهب وحفظوا كثيرا من آراء إمامهم بأقواله وكان أشهر هؤلاء:
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفي عام(183هـ/799م)، ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفي في عام(189هـ/805م)، وزفر بن الهذيل، وهم الذين قعدوا القواعد وأصلوا الأصول في المذهب الحنفي.
ولقد قضى الإمام أبو حنيفة عمرهُ في التعليم والتدريس ولقد تخرج عليه الكثير من الفقهاءوالعلماء، ومنهم ولدهُ حماد ابن ابي حنيفة، وإبراهيم بن طهمان، وحمزة بن حبيب الزيات، وأبو يحيى الحماني، وعيسى بن يونس، ووكيع، ويزيد بن زريع، وأسد بن عمرو البجلي، وحكام بن يعلى بن سلم الرازي، وخارجن بن مصعب، وعبد الحميد ابن أبي داود، وعلي بن مسهر، ومحمد بن بشر العبدي، ومصعب بن مقدام، ويحيى بن يمان، وابو عصمة نوح بن أبي مريم، وأبو عبد الرحمن المقريء، وأبو نعيم وأبو عاصم، وغيرهم كثير
مظاهر القدوة فيشخصيه اب حنيفة الرائعة::
- احترامه وتقديره لمن علمهالفقه:
- سخاؤه في إنفاقه على الطلابوالمحتاجين وحسن تعامله معهم، وتعاهدهم مما غرس محبته في قلوبهم حتى نشروا أقوالهوفقهه، ولك أن تتخيل ملايين الدعوات له بالرحمة عند ذكره في دروسالعلمفي كل أرض. ومن عجائب ما ورد عنه أنه كان يبعثبالبضائع إلىبغداد، يشتري بها الأمتعة، ويحملها إلىالكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشتري بها حوائجالأشياخ المحدثين وأقواتهم، وكسوتهم، وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الدنانير منالأرباح إليهم، فيقول: أنفقوا في حوائجكم، ولا تحمدوا إلاالله؛ فإني ما أعطيتكم من مالي شيئا، ولكن من فضلاللهعليَّ فيكم، وهذه أرباح بضاعتكم؛ فإنه هو واللهمما يجريهاللهلكم على يدي فما في رزقاللهحول لغيره.
- سؤاله عن أحوال أصحابه وغيرهممن الناس، وحدث حجر بن عبد الجبار، قال: ما أرى الناس أكرم مجالسة من أبي حنيفة،ولا أكثر إكراماً لأصحابه. وقال حفص بن حمزة القرشي: كان أبو حنيفة ربما مر بهالرجل فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا قام سأل عنه، فإن كانت به فاقة وصله،وإن مرض عاده.
- حرصه على هيبةالعلمفي مجالسه؛ فقد ورد عن شريك قال كان أبو حنيفة طويلالصمت كثير العقل.
- الاهتمام بالمظهر والهيئة؛
- كثرة عبادته وتنسكه .
فقد قال أبو عاصم النبيل كانأبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته، واشتهر عنه أنه كان يحيى الليل صلاة ودعاءوتضرعا. وذكروا أن أبا حنيفة صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة. وروى بشر بنالوليد عن القاضي أبي يوسف قال بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلاً يقوللآخر هذا أبو حنيفة لا ينام الليل فقال أبو حنفية واللهلا يتحدث عني بما لم أفعل فكان يحيىالليلصلاة وتضرعا ودعاء، ومثل هذه الروايات عن الأئمة موجودة بكثرة،والتشكيك في ثبوتها له وجه، لاشتهار النهي عن إحياءالليلكله، وأبو حنيفة قد ملأ نهاره بالتعليم مع معالجة تجارته، فيبعد أنيواصل الليل كله. ولكن عبادة أبي حنيفة وطول قراءته أمر لا ينكر، بل هو مشهور عنه ،فقد روي من وجهين أن أبا حنيفة قرأالقرآنكلهُ في ركعة.
- شدة خوفه منالله :
فقد روى لنا القاسم بن معن أنأبا حنيفة قام ليلة يردد قولاللهفيالقرآن: ( بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىوَأَمَرُّ )سورة القمر، آية 46، ويبكي ويتضرع إلىالفجر.
- شدة ورعه؛
وخصوصا في الأمور المالية، فقدجاء عنه أنه كان شريكاً لحفص بن عبد الرحمن، وكان أبو حنيفة يُجهز إليه الأمتعة،وهو يبيع، فبعث إليه في رقعة بمتاع، وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيباً، فإذا بعته،فبين. فباع حفص المتاع، ونسى أن يبين، ولم يعلم ممن باعه، فلما علم أبو حنيفة تصدقبثمن المتاع كله.
تربيته لنفسهعلى الفضائل كالصدقة، فقد ورد عن المثنى بن رجاء أنه قال جعل أبو حنيفة على نفسه إنحلف بالله صادقا أن يتصدق بدينار وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدقبمثلها.
- وكان حليما صبورا، وله حلمعجيب مع العوام؛
لأن من تصدى للناس لا بد وأنيأتيه بعض الأذى من جاهل أو مغرر به، ومن عجيب قصصه ما حكاه الخريبي قال: كنا عندأبي حنيفة فقال رجل: إني وضعت كتابا على خطك إلى فلان فوهب لي أربعة آلاف درهم،فقال أبو حنيفة إن كنتم تنتفعون بهذا فافعلوه. وقد شهد بحلمه من رآه، قال يزيد بنهارون ما رأيت أحدا أحلم من أبي حنيفة، وكان ينظر بإيجابية إلى المواقف التي ظاهرهاالسوء، فقد قال رجل لأبي حنيفة (أتقالله)، فأنتفض وأصفر وأطرق وقال: (جزاكاللهخيرا ما أحوج الناس كل وقت إلى من يقول لهم مثل هذا) ، وجاء إليهرجل، فقال: (يا أبا حنيفة، قد أحتجت إلى ثوب خز) ، فقال: ما لونه؟ قال: كذا، وكذا ،فقال له: أصبر حتى يقع، وآخذه لك، _إن شاء الله_ ، فما دارت الجمعة حتى وقع، فمر بهالرجل، فقال: قد وقعت حاجتك، وأخرج إليه الثوب، فأعجبه، فقال: يا أبا حنيفة، كمأزن؟ قال: درهماً ، فقال الرجل: يا أبا حنيفة ما كنت أظنك تهزأ ، قال: ما هزأت، إنياشتريت ثوبين بعشرين ديناراً ودرهم، وإني بعت أحدهما بعشرين ديناراً، وبقي هذابدرهم، وما كنت لأربح على صديق.
- الجدية والاستمرار وتحديدالهدف:
- ترك الغيبة و الخوض في الناس. فعنابن المبارك:قلتلسفيان الثوري، يا أبا عبد الله، ماأبعد أبا حنيفة من الغيبة، وما سمعته يغتاب عدوا له قط. قال: هوواللهأعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها. بل بلغ منطهارة قلبه علىالمسلمينشيئا عجيبا، ففيتأريخ بغدادعن سهل بن مزاحم قالسمعت أبا حنيفة يقول: "فبشر عباد الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَأَحْسَنَهُ " قال: كان أبو حنيفة يكثر من قول: (اللهم من ضاق بنا صدره فإن قلوبناقد اتسعت له).
- حرصه على بناء شخصيات فقهيةتحمل عنه علمه:
- تصحيحه لمفاهيم مخالفيهبالحوار الهادئ:
- ومن مظاهر القدوة عدم اعتقادهأنه يملك الحقيقة المطلقة وأن غيره من العلماء على خطأ؛
مؤلفاته::
وضعالإمام أبو حنيفة عدة كتب فيالفقهالحنفي منها:
- المخارج فيالفقه.
- الفقهالأكبر.
وفاةالامامابو حنيفة ::
مداللهفي عمر أبي حنيفة، وهيأ لهمن التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبويوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قالعنه النضر بن شميل: "كان الناس نياماً عنالفقهحتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمومنزلته فيالفقهان قال فيهِ الإمامالشافعي : "الناس فيالفقهعيال على أبي حنيفة". كما كان ورعاً شديد الخوف والوجل منالله، وتمتلئ كتبالتاريخوالتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنهما وصفه به العالم الزاهدفضيل بنعياضبقوله: "كان أبو حنيفةرجلاً فقيهاً معروفاً بالفقه، مشهورا بالورع، واسع المال، معروفا بالأفضال على كلمن يطيف به، صبورا عل تعليمالعلمبالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلامحتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مالالسلطان".
وتوفي أبو حنيفة فيبغدادبعد أن ملأ الدنيا علماً وشغل الناس في (11 من جمادىالأولى150هـ/14 من يونيو767م) ويقع قبرهفي مدينةبغدادبمنطقةالأعظميةفيمقبرةالخيزرانعلى الجانب الشرقي مننهر دجلة.